قبيطر متحدثاً الى «التمدن»
قبل ثلاث سنوات ونيف، وفي أواخر عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، عيّن مجلس الوزراء مجلس إدارة لـ «معرض رشيد كرامي الدولي» برئاسة المهندس حسام قبيطر، وقد جاء هذا المجلس بعد سنوات من الفراغ، وإستبشر الطرابلسيون خيراً والأمل يحدوهم بأن يأخذ المعرض دوره باعتباره أهم مرفق عام في المدينة وفي الشمال، وكونه الحائز على الحق الحصري الوحيد لإقامة معارض... لكن السنوات الثلاث الماضية كانت خاوية الوفاض.
ومنذ فترة زمنية بعيدة دأبت «التمدن» إثارة كل ما يمت بالمعرض بصلة، منتقدة الإدارة، وداعية إلى العمل الجدي وإلا إعلام الرأي العام الطرابلسي بالحقائق كي لا يبقى مجلس الإدارة شاهد زور على جريمة «وئد» المعرض «المحتضر».
«التمدن» إلتقت رئيس مجلس إدارة «معرض رشيد كرامي الدولي» المهندس حسام قبيطر، وأجرت معه حواراً شاملاً حول مختلف القضايا المتعلقة بالمعرض، إستهل حديثه بالترحيب بـ «التمدن» وشكرها على التعاون، موضحاً انه ليس عاتباً عليها لما نشرته من إنتقادات «لأن أكثرها في محلها، ولكن كنت أتمنى ان تكون المساءلة مباشرة مع مجلس الإدارة، هذا المجلس المؤلف من أشخاص متطوعين من القطاع الخاص دون مقابل، وهم يبذلون جهوداً كبيرة جداً، والمجلس متجانس ويعمل باستمرار لخدمة المعرض، وخاصة أنا شخصياً كرئيس للمجلس.
عندما إستلمنا المسؤولية قبل ثلاث سنوات ونيف أجرينا دراسة لأوضاع المعرض، وقد تبين انه بحاجة إلى الكثير كي يستطيع العمل، وهو:
أولاً: بحاجة إلى قانون عصري حديث يختلف عن قوانين المؤسسات العامة التي «يقتلها» الروتين الإداري الذي يشلّ عمل المؤسسات، وهذا النوع من المؤسسات، مثل المعرض بحاجة إلى قانون خاص وهيئة مستقلة.
تحضير لقانون عصري وتمويل
ثانياً: المعرض مقفل منذ سنوات عديدة وإعادة تأهيله تكلف ملايين الدولارات.
بناء عليه، ومنذ إستلامي مركز رئاسة الإدارة إشتغلت على تحضير مشروع قانون عصري وتأمين تمويل، في ذلك الحين كانت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي أبدى، مع وزراء طرابلس، الاستعداد لتحقيق الأمرين، قدمنا الدراسة بعد إعدادها بسرعة وخارج إطار مكاتب الدراسة وغيرها، كما قدمنا دراسة لإعادة تأهيل المعرض بالتعاون مع مهندسين، بحكم علاقاتي الشخصية، وتبين ان إعادة التأهيل تكلف 53 مليون دولار كحد أدنى، وذلك بهدف تفعيل المعرض كمجمع إقتصادي، سياحي، ثقافي. ولكن بعد أقل من شهرين من إستلام مجلس الإدارة مهمته إستقالت الحكومة، شلّ المجلس النيابي، 11 شهراً مرت حتى شكلت حكومة الرئيس تمام سلام، وقد أعدنا تحريك الموضوع فطلب سلام تأجيله إلى ما بعد إنتخاب رئيس للجمهورية، إستمر الفراغ وتعثرت الحكومة فلم نتمكن من تحقيق تعديل القانون وتأمين التمويل».
أضاف: «يضاف إلى ما ذكرت الوضع الأمني الذي لم يكن مستقراً في طرابلس في السنتين الأوليتين من عمر مجلس الإدارة، فكيف يمكن تنظيم معارض ونشاطات في ظل جولات الاقتتال، هذه المسائل مجتمعة أثَّرت كثيراً على أداء المجلس وقراراته التي إتخذها ولم يستطع تنفيذها».
مسؤولية التقصير أمنية وسياسية
وحول عدم إقدام المجلس على تسمية الأمور بأسمائها ليسقط التهم عنه بالرغم من التلميح مرات عديدة إلى وجود عقبات تحول دون النهوض بالمعرض، وكي لا يبقى شاهد زور أو في خانة الاتهام بالتقصير، قال قبيطر:
«المسؤولية جماعية: الوضع الأمني، الوضع السياسي، عدم توفر الدعم الكافي من سياسيي طرابلس للمعرض. لست من الأشخاص الذين يحبون «النق»، عندما وجدت عدم القدرة على العمل بحسب ما كان مخططاً قررت سياسة عمل الممكن
.
أمّنا المال لتأهيل قاعة المعارض
لذلك أخذنا بالبحث عن موارد من خارج المؤسسة الرسمية، وقد إستطعنا تأمين مبلغ من المال خصصناه لتأهيل قاعة المعارض والتي بحاجة إلى تكييف لتكون مؤهلة لاستقبال معارض كبيرة، خاصة ان إعادة إعمار سوريا لها علاقة بالمعرض من خلال الشركات، فالقاعة مساحتها 20 ألف متر مربع وتكييفها وحده يكلف أكثر من مليون دولار، فماذا عن التأهيل.
كما قررنا تأهيل قاعة المؤتمرات (مساحتها 2000 متر مربع) نظراً للترابط بين القاعتين. والعمل جارٍ في تأهيل القاعتين، على ان ينتهي العمل حتى أيلول المقبل، وبعدها سيكون في المعرض قاعة من أجمل قاعات المؤتمرات في لبنان.
معرض دائم للأرتيزانا
وهذا التمويل من خلال موارد خاصة بالمعرض وليس هبة من أحد. كما إستطعنا تأمين تمويل جديد سوف يخصص لتأهيل ما أمكن من أقسام».
وبالنسبة لما سبق ان طُرح حول إقامة معرض دائم للفن التشكيلي في جناح «البيت اللبناني» وإمكانية تحقيق ذلك قال: «لقد سبق ان اجتمعت بكل من: رئيس غرفة التجارة، رئيس البلدية، نقيب المهندسين، وعرضت عليهم تأهيل «البيت اللبناني»، وقدمت لهم دراسة بهذا الشأن، كما عرضت عليهم إستثماره (ليس تجارياً) كمعرض دائم لـ «الأرتيزانا».
تأهيل المسرح العائم
كما عرضنا على البلدية تأهيل المسرح العائم مقابل إستثماره خلال فترة معينة. وعرضنا على نقابة المهندسين مساعدتنا في إعداد دراسات للتأهيل، خاصة ان بعض المنشآت دخلت مرحلة الخطر. وقدمنا للأطراف الثلاثة كُتباً رسمية ولم نحصل على تجاوب حتى الآن.
وأكد قبيطر «أن القانون يسمح بالاستثمارات الخاصة، و«فندق كواليتي إن» التابع للمعرض مستثمر من جهات خاصة. القانون لا يجيز لمجلس الإدارة تنظيم نشاطات في المعرض على عاتقه وذلك منعاً للاستفادة المادية الشخصية، ما هو مسموح توفير كل ما يلزم لأي شخص أو جهة يرغب بإقامة نشاط أو معرض لقاء بدل يعود للمعرض. إدارة المعرض ليست تاجراً يبيع ويشتري».
وقال: «يحق للمجلس عقد إتفاق ما مع جهة ما لإعادة تأهيل جناح أو قسم ما مقابل إستثماره لفترة معينة. ونحن على أتم الاستعداد لتقديم كامل التسهيلات في هذا الخصوص.
مساحات شاسعة غير مستثمرة
يضاف إلى ذلك وجود أرض مساحتها 400 ألف متر مربع (40٪ من المساحة الاجمالية) غير مستثمرة وهي خالية من المنشآت، ولم يتقدم أحد لإقامة مشروع ما في هذه الأرض.
سياستنا هي أننا عامل تسهيلي لكل ما يُسهم في تحريك العجلة الاقتصادية وتوفير فرص عمل».
دعوة للقطاع الخاص
وأضاف: «أدعو عبر «التمدن» القطاع الخاص للاستثمار في هذه المؤسسة القائمة والضخمة لإحياء المعرض. ويشترط ان يكون الاستثمار في الإطار الاقتصادي فحسب».
وأعرب عن أسفه «عندما يُحكى عن تخصيص الحكومة مائة مليون دولار لطرابلس لا يُذكر المعرض. ويُحكى عن مشاريع تكلف مبالغ ضخمة لكن يغيب المعرض عن إهتمامات الدولة، يحكون بما ليس موجوداً ويتجاهلون الموجود!».
خصخصة أو قانون عصري
وإذا ما كان يؤيد خصخصة المعرض قال: «أنا مع مبدأ الخصخصة في أكثر المرافق العامة، بالرغم من صعوبتها في لبنان. إذا لم يكن ممكناً خصخصة المعرض فليقر قانوناً عصرياً لإدارته.
هل تعلم ان الحصول على الموافقة الرسمية على مشروع إعادة تأهيل قاعة المؤتمرات إستغرق سنة وثلاثة أشهر، هناك مشكلات في الروتين الإداري.
هناك مؤسسات عامة تديرها هيئات مستقلة لها قوانين خاصة، المنطقة الاقتصادية على سبيل المثال، لماذا لا يكون المعرض من هذه المؤسسات. تخيل انه لا يحق لنا توظيف شخص واحد إلاّ من خلال مجلس الخدمة المدنية. الكادر البشري هو 100 موظف، ولكن حالياً لا يوجد سوى 16 موظفاً غالبيتهم من الحراس.
وأعتقد ان أهم أسباب إحجام القطاع الخاص عن الاستثمار في المعرض لأنه مؤسسة عامة، وأي مستثمر، بعد الحصول على موافقة مجلس الإدارة على مشروعه، يكون بحاجة لموافقة سلطة الوصاية والغرق في الروتين لفترة زمنية طويلة، وقد حصل ذلك عدة مرات مما حال دون تنفيذ العديد من المشاريع. لذلك عندما تدير المعرض هيئة مستقلة هي من يقرر والرقابة تكون لاحقاً. وهنا أدعو إلى إجراء مراقبة ليلاً نهاراً في المعرض، نحرص على المال العام أكثر من حرصنا على المال الخاص. هل تعلم ان الحد الأقصى لما يمكننا صرفه ثلاثة ملايين ليرة، ماذا تفعل في هذه المؤسسة الضخمة، هل يكفي المبلغ لتغيير مكيف»!
وحول ما طُرح عن تغيير هوية المعرض ووظيفته قال قبيطر: «ما قاله الوزير نحاس فُهم بطريقة خاطئة، فهو قال هذه المؤسسة ليست مجرد معرض بل يجب ان تكون خلية نمل، معرض، إحتفالات، فندق ومطاعم تشتغل، نشاطات مختلفة.
عندما أنشىء المعرض كانت تسود فكرة المعارض العامة، أما اليوم هناك معارض متخصصة، تحتاج لقاعات ليست كبيرة، كما قاعة المعرض، لذلك فكرنا بتقطيع قاعة المعارض إلى عدة قاعات تُنظم فيها معارض متنوعة. كما ناقشنا فكرة ان يكون المعرض مجمعاً إقتصادياً، ثقافياً، حضارياً».
ورداً على سؤال حول أوضاع البرك والحدائق والنظافة.... والتي لا تحتاج إلى كبير عناء وتكاليف كبيرة، وتركها بهذا الشكل قال: «تبلغ مساحة الحدائق في المعرض 130 ألف متر مربع، صيانتها السنوية حوالي 200 مليون ليرة، ليست لدينا مداخل، والمصاريف تُدفع من «اللحم الحي».
أعتقد ان الحدائق مميزة وكأننا في سويسرا، ونعتني بها كثيراً، وهي متنفس لأهل المدينة.
بالنسبة للنظافة لا أدّعي أنها مائة بالمائة، وما نقوم به ضمن إمكانياتنا، إذ ليس باستطاعتنا تأمين فريق عمل يغطي مساحة مليون متر مربع. ونشترط على من يريد تنظيم نشاط ما في المعرض مسألة النظافة، لكننا لا نلمس إلتزاماً.
بالنسبة لبرك الماء هناك خطأ في التصميم، لا يعني ذلك وقف تشغيلها، إذ يمكن تعبئتها ولكن لا توجد مصارف لتفريغها، نشغلها في المناسبات، لكن تشغيلها مكلف والامكانيات محدودة جداً».
وأكد على «ضرورة وجود بروتوكول تعاون مع بلدية طرابلس التي بإمكانها المساعدة في مسائل الحراسة والنظافة. ونأمل خيراً بالمجلس البلدي الجديد.
ولتجاوز عقد القانون إقترحنا تأليف مجلس للهيئات الاقتصادية يضم البلدية وغرفة التجارة والمرفأ والمعرض... لكن أوضاع البلدية في السنوات الماضية والأوضاع الأمنية حالت دون ذلك.
لم نستسلم كمجلس إدارة، نسعى ونشتغل ضمن إمكانياتنا، نعمل على جلب التمويل، ونأمل من الهيئات الفاعلة دعم هذا المرفق الهام، نحاول التوفير في هذه الزاوية أو تلك وتخصيصها في مجالات التحسينات.
أمامنا عدة طلبات معارض ونشاطات نأمل ان تبصر النور، وعندهاتعود الحياة إلى البرك وغيرها».
وحول إشكالية العلاقة مع مستثمر «فندق كواليتي إن» قال قبيطر: «الاشكالية قانونية، هناك عقد بين الإدارة والمستثمر منذ سنة 2000 وافق عليه مجلس الوزراء، وينص على برمجة المدفوعات (مستحقات المعرض). المستثمر يقول انه مرّ في ظروف قاهرة، لكن هذه الظروف لها شروط، بحسب العقد، وقد تمنَّع دفع المستحقات منذ سنة ونصف السنة وذهب إلى القضاء. ونحن بانتظار ما يحكم به القضاء.
وقد لاحظنا ان مستوى الفندق في تدهور، وهناك عدة مخالفات، وبناء عليه تم فسخ العقد معه، وننتظر ما سيقوله القضاء. في كل الأحوال العقد ينتهي في 30/6/2017، إذا قام المستثمر الحالي بتسوية وضعه سوف ننتظر حتى نهاية العقد وإلا عليه إخلاء الفندق، وإذا رغب بالاشتراك في المزايدة التي ستجري بطريقة مختلفة عن السابق وضمن دفتر شروط محدد، ومن سيقدم أفضل الشروط ترسو عليه المزايدة».
وإذا ما كان ممكناً جلب مشاريع على شاكلة «المعرض الصيني» و«السيدرلاند» قال:
«مشروع «السيدر لاند» حلم أتمنى لو أنه تحقق لأنه من أجمل المشاريع وأهمها، وهو مشروع استثماري في الأراضي غير المستثمرة في المعرض، ولا يطال المنشآت القائمة حالياً.
«المشروع الصيني» تجاري وكان سيغير معالم المعرض، ولكن كان بالإمكان إقامته في قسم من المعرض.
وأنا حريص على ما قام به المهندس العالمي أوسكار نيماير، ونريد للمعرض ان يكون تحفة فنية، اقتصادية، ثقافية، حضارية، تراثية، تخلق فرص عمل».
وهل هو خائف على منشآت المعرض من الناحية اللوجستية بعد مرور عشرات السنين على إنشائها، وفي ظل عدم توفر صيانتها قال قبيطر: «أنا خائف على بعض المنشآت، هناك تآكل، الخطر ليس داهماً لكنه قائم، ولذلك توجهنا إلى نقابة المهندسين للتطوع والتبرع لإعادة التأهيل. اما الامكانيات الذاتية فليست متوفرة.
يلفت موقع معرض رشيد كرامي الدولي الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.